Saturday, December 29, 2012

سارة



يرى البعض ان هناك ميتة مفجعة أكثر من غيرها.. وأرى أن الموت واحد.. نهاية أبدية الغموض لكنها تشترك في كونها نقطة في نهاية السطر..
لا يزيد حوادث الموت فجاعة إلا مقدار أحزاننا المجترة من ميتات سابقة.. رحمك الله يا أمي.. كانت منذ أن أفجعها موت أخي الأصغر وهي متشحة بالسواد، باكية كل الأموات.. مؤمنة بأن كل من يذهب للعزاء انما لا يبكي الميت الجديد وانما يبكي ميته القديم مستشهدة بالقول : "كل يبكي على ليلاه"!
هكذا.. يصبح مدى شعورنا بالمفاجأة لموت شخص ما .. هو مقدار رفضنا لتصديق عجزنا الانساني عن السيطرة على الكثير من ظواهر الكون كـ"مرور الزمن". والكثير من المعاني غير الحسية لوجود "نهاية".
توفيت سارة زميلتنا بالكلية اليوم (29 ديسمبر 2012) ..
في سارة من كل منا البعض، الذي يدفعنا للبكاء او للحزن أو للشعور بالهزيمة عند سماع خبر هزيمتها في معركتها مع السرطان. صارعت سارة المرض لفترة بدت لي لوهلة بالطويلة.. فمعرفتي بهذا المرض انه لا يعطي فرصة الحياة لاحد، يعكف على امتصاص رحيقها من الجسد والروح معا حتى يقضي عليهما في لحظة نسميها "الموت".
ربما نخشى الموت، فيفاجئنا انطفاء حياة أقراننا، لأننا في النهاية نخشى على أنفسنا منه، نخشى هذا الغموض الذي لا ندري ما الذي يختبئ وراءه؟؟ هل ثعبان أقرع أم ميزان يزن القلب بريشة أم ماذا؟ كلها حكايات تزيدنا خشية من الموت ورهبة من لقياه.. 
ولأنه المجهول الذي لا نستطيع أن نتركه فارغا دون ملأه بالاقاصيص والحكايا والخرافات المسكنة لعجزنا البشري عن الفهم. نلجأ إلى تفسيرات تزدحم داخل هذا الفراغ دون أن يكون لها معنى ودون أي دليل على كونها حقيقة او أنها ستقع بالفعل!!